السؤال.. شيوخي الأفاضل أرجو أن تجيبوا على مسألتي بالتفصيل دون إحالتي إلى ما يشبهها، شيوخي الأفاضل، تعاني زوجتي من الوسواس القهري، تأتيها خواطر مزعجة وأحاديث قبيحة، حيث تسيء إلى الله ورسوله بأشد أنواع الأذى في نفسها.
ثم تندم وتبكي وتستغفر، ثم لا تدري كيف تعود إلى هذا المنكر، ثم تندم ثم تعود....وفي الأيام الأخيرة تأتيها صور قبيحة و تخيلات لا تخطر على أحد، لا تستطيع أن تتكلم بها و لو مع زوجها أو من أجل الاستفتاء فهذه التخيلات تنسبها إلى الرسول.
و إلى حياته الخاصة مع زوجاته، لذا فهي تخشى أن لا يغفر لها لأنها تعدت على أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، وهي تسأل:ما حكم ما اقترفت؟ وكيف أتخلص من هذه الوساوس التي أرهقتني كثيرا؟ وكيف السبيل إلى التوبة -علما أني أكره هذه التخيلات وتمنيت لو مت قبل أن يحدث لي ما حدث-
الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت زوجتك كارهة لتلك الوساوس نافرة منها فإنها لا تضرها شيئا، بل كراهتها لها ونفورها منها دليل صحة إيمانها، وقد شكى الصحابة رضي الله عنهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من هذا مما يجدونه في أنفسهم ويكره أحدهم أن يتكلم به ويود أن لو خر من السماء ولا يتكلم به فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك صريح الإيمان.
قال النووي: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَلِكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ وَمَحْضُ الْإِيمَانِ مَعْنَاهُ اسْتِعْظَامُكُمُ الْكَلَامَ بِهِ هُوَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ، فَإِنَّ اسْتِعْظَامَ هَذَا وَشِدَّةَ الْخَوْفِ مِنْهُ وَمِنَ النُّطْقِ بِهِ فَضْلًا عَنِ اعْتِقَادِهِ إِنَّمَا يَكُونُ لِمَنِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ اسْتِكْمَالًا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَةُ وَالشُّكُوكُ.. وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُوَسْوِسُ لِمَنْ أَيِسَ مِنْ إِغْوَائِهِ فَيُنَكِّدُ عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إِغْوَائِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَقْتَصِرُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْوَسْوَسَةِ بَلْ يَتَلَاعَبُ بِهِ كَيْفَ أَرَادَ. فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ سَبَبُ الْوَسْوَسَةِ مَحْضُ الْإِيمَانِ أَوِ الْوَسْوَسَةُ عَلَامَةُ مَحْضِ الْإِيمَانِ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ القاضي عياض. انتهى.
فلتطمئن زوجتك ولتعلم أنها لا تؤاخذ بهذه الوساوس ولا تؤثر في صحة إيمانها، وعليها أن تجاهد نفسها للتخلص منها وذلك بالإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وكلما عرض لها شيء من تلك الوساوس فلتستعذ بالله تعالى ولتنته ولتقل آمنت بالله ورسله. ولتعلم أنها مأجورة إن شاء الله ما دامت تجاهد نفسها للتخلص من تلك الوساوس، ولتنظر للفائدة الفتوى رقم: 147101.
والله أعلم.
المصدر: موقع إسلام ويب